أجد قيمتي في سيطرة عقلي على نفسي وشهواتي، فكلما تغلبت على شهوة معينة، وطردتها من حياتي شعرت بقيمة أكبر، وكلما بدأت عادة حسنة جديدة أشعر أيضًا بقيمة أكبر، والجميل أني أشعر بصدق القيمة، سواء عرف الناس عن هذا الأمر أم لم يعرفوا، المهم أنا أكون عارفًا، وطبعًا الله مطلع من فوق سبع سماوات.
فقال: أنا ذاهب، ولن أعود للقصر، فما رأيك أن تأتي معي؟، فقال الملك: مستحيل طبعًا أن أترك القصر، ما هذا الطلب الغريب؟، فردَّ عليه الزاهد: هذا هو الفرق بيني وبينك، أنا لا أمانع في أن أسكن تحت شجرة، أو أن أسكن في قصر، ففي كل حال من الأحوال نعمة من الله عليَّ أراها، والآن أنا لا أمانع في ترك القصر، أنا كنت في داخل القصر، ولم يكن القصر في داخلي، ولذلك أستطيع الذهاب بلا عودة، أما أنت فالقصر في داخل قلبك.
وها هي تعود إلى موطنها الصغير الذي فارقته لأكثر من عشرة أعوام، منزلها البسيط القابع بأحد الأحياء الفقيرة والذي يطل على حديقة قَفُرتْ نباتاتها وتعرت معظم أشجارها فتشابكت وشائجها كأشباحٍ تحوم في ليلٍ بهيم، وفي داخل الدار الذي كانت تهابه كمهابة الموت ابتسمت بحنينٍ غريب، حنينٍ تذبذب بخوفٍ أليم،