إقتباسات كتاب أعلام التنوير في الإسلام

إن هؤلاء الرجعيين الذين يعملون من أجل مصلحة أعداء الدين، الذين يسعون إلى تحنيط الإسلام الحي، هم العائق الرئيسي أمام خلق "حداثة" ليست في الغرب المنحط بالكامل، ويمنعون الإسلام من الوجود مع جميع المؤمنين الذين يحبون المستقبل، ويسعون إلى إعادة نهضة العالم من جديد.

نحن نخلط بين الشريعة الأساسية وبين الفقه في القرون الماضية، فنحن نعمل على التقسيم، ونعزل الإسلام، ونترك آلاف من الرجال والنساء فريسة لليأس.

ولا نشك أبداً في أنَّ أوَّل قادة التنوير وأعظمهم هو النبي الكريم عليه الصلاة والسلام فقد كان رائداً في العقل والحكمة، وقضى على الخرافة والجهل، وما حربه على الأصنام المعبودة إلا رسالة واضحة في انتصار العقل والإرادة والمسؤولية، ولعلَّ من أروع مواقفه في المسؤولية أنه حين سئل عن الفتوى قال بصراحة وشجاعة: "استفتِ قلبك ولو أفتاك النَّاسُ وأفتوك".

فإن جمع القرآن الكريم وفَّر للأمَّة سلامة المصدر الأوَّل للشريعة، وقد كان من الممكن أن يضيع في غبار المعارك، ولا نشك أنه قد تمَّ في الوقت المناسب، ولو تمَّ الالتزام بظاهر النص في منع جمعه وتأخر الأمر عشر سنين مثلاً لما انتهت الأمَّة إلى هذا الإجماع على حروف القرآن الكريم وسوره وآياته.

موافقات عمر مصطلح أطلقه الرواة والمحدثون للإشارة على عدد من القضايا الاجتهادية التي انفرد بها عمر بن الخطاب، وعدَّت اجتهاداً في مورد النص؛ إذ كان عمر بن الخطاب يقترح أمراً في الشريعة، على أساس من الرأي، ثم يحاور به رسول الله فيقره الرسول الكريم أو ينزل على وفقه قرآن يتلى يؤكد صواب ما ذهب إليه عمر.

أمّا القبلة التي نتوجّه إليها في الحرم الشريف، فهي ذات بعد اجتماعي يحقّق التواصل والمساواة، ولا يمكنني أن أفهم أن الله أقرب إلى مكّة من أيِّ مكان آخر، وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله، ونحن أقرب إليه من حبل الوريد.

إن الخطأ القاتل بالنسبة لمستقبل الإسلام، هو الخلط بين القانون الإلهي الأبدي، الشريعة المسماة بـ "الفقه" (التشريع) وهو ما عرف منذ القرن السابع.

لذلك مشكلة مستقبل الإسلام تتلخص في مصطلحات بسيطة للغاية: وعليها أن تخطو نحو المستقبل مع نظرة ثاقبة على الماضي.

ليس هناك ما هو أكثر تناقضًا مع الرؤية الديناميكية للعالم، من تلك التي تجاه القرآن أكثر من الاعتقاد أن جميع مشاكل الحاضر والمستقبل قد تم حلها، وأنه يكفي أن نعرف عن ظهر قلب قصص الماضي للحصول على إجابة لكل شيء. الاكتفاء هو عكس السمو، لأنه يمنع آلاف الناس من رؤية الجاهلية الجديدة للحضارة الغربية المنحطة، الشريعة الحقيقية (الله وحده يملك، الأمر لله وحده، الله وحده يعلم) يمكن أن يوحد كل من يفكر أن حياته لها معنى وأن الطريقة الإلهية فقط (الشريعة) يمكن أن تمنحهم هذا المعنى من خلال البعد عن قانون الغاب، وقانون البقاء للأقوى، وقانون الفوضى.